الاثنين، 5 مارس 2012

لا نجعل لليأس والإحباط طريقا إلى قلوبنا ..


فهو منهي عنه في الإسلام ، بأمر الله تعالى : { قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ}(سورة الحجر:55) ، (إن اليأس والإحباط وانسداد الآفاق يولد نوعاً من الشعور بكراهة المرء لنفسه وازدرائه لها، مما يجعله لا يقيم أي وزن لكل النصائح التي تُسدى إليه . وهذا الشعور مبالغ فيه دائماً ، إذ إنه مهما ساءت الأحوال ، وتضاءلت الإمكانات يظل هناك مجال لتخفيف الضرر وتحسين الوضع ؛ والله جل وعلا – جعل اليأس من سمات الكفار ؛ إذ قال : { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} ) فاليأس يغمض العيون .. فلا نرى الأبواب المفتوحة ولا الأيدي الممدودة . قال تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(سورة الزمر:53) .
     وفي كتاب "حسن الظن بالله" ذكر ابن أبي الدنيا رحمه الله تعالى  ، مئة وواحداً وخمسين نصاً ، ما بين آية وحديث ، كلها تدعوك إلى التفاؤل ، وترك اليأس والقنوط، والمثابرة على حسن الظن وحسن العمل ، حتى إنك لتجدُ نصوصَ الوعد أعظمَ من نصوص الوعيد ، وأدلة الرحمة أكثر من أدلة التهديد ، وقد جعل الله لكل شيء قدْراً.
     ولأن اليأس إذا سيطر فإنه سيخرج أفراداً محبطين وغير عاملين ، ولا يمكن أن يصنعوا شيئاً ، والأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – لم ييأسوا أبداً ، بل دعوا إلى الله تعالى  بعزم وجد سنوات طويلة وبعضهم دعا قروناً كنوح عليه السلام بعد أن دعا ألف سنة تقريباً ولم ييأس خلالها كانت حصيلة الدعوة { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ}(سورة هود:40) .
     وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم : (( يأتي النبي ومعه الرجل ، والنبي ومعه الرجلان ، والنبي وليس معه أحد ))( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه).
     وفي المقابل كم من نبي جاهد معه عدد كثير من أتباعه، وعلماء ربانيون من أنصاره ، فما أصابهم خور ولا ضعف ولا فشــــل ولا يـــــأس قـــــــــال تعــــــالـــــى :{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}(سورة آل عمران:146) يقوله تعالى مسليا للمؤمنين عما كان وقع في نفوسهم يوم أحد.
     ولنتأمل النبي صلى الله عليه و سلم وهو متفائل بدعوته لعمه في آخر لحظة من حياته ويقول له : (( يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله )) لم ييأس من إسلامه ، ولم يكن ذلك محصوراً على قرابته ونسبه بل كان له صلى الله عليه و سلم جار يهودي، وعلم أن ولد جاره اليهودي قد احتضر، وأنه أوشك أن ينازع وأن تفارق روحه بدنه، فدخل عليه صلى الله عليه و سلم زائراً داعياً، فقال لهذا الغلام اليهودي في آخر لحظة من لحظات عمره : ((فقال له أسلم فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأسلم فقام النبي صلى الله عليه و سلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار))( صحيح أبي داود ، الألباني ، (3095).
     كما كان من مسلك هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنهم لم يحرصوا على رؤية النتائج الإيجابية، ويهتمون بذلك كثيراً ويُعلقون على ذلك الآمال والآمال ، ولم يزد الضعف في نفوسهم شيئاً .
      كما أنه ينبغي للداعية أن يجعل نصب عينيه تلك النصوص الدالة على تبليغ أنبياء الله عليهم السلام دعوة ربهم ، والحرص على ذلك ، ولو تأخر موسم الثمر { فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ}(سورة النحل: 35).
     ولم يقف الأمر عند هذا بل جاءت نصوص مؤكدةً على  استمرار الداعي في دعوته ، حتى ولو أعرض المدعوون ، فوظيفة الداعية البلاغ ، وليس من وظيفته أن يرى ثمار دعوته .
     عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( عُرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهيط ، والنبي ومعـــه الرجــــل والرجـــلان ، والنبــــي وليس معــه أحد.. ))( أخرجه البخاري (5705) ، مسلم (526).
     ( فهذا النبي الكريم الذي أُيد الوحي ، لم يستجب أحدٌ لدعوته ، ومع ذلك لم يفتر عزمُهُ ، بل استمر في تبليغ رسالة الله طاعة لربه ، وبراءة لذمته، ونُصحاً لأمته ، إذا كان كذلك ، فأين أولئك الذين يُخذلون أنفسهم ويُخذلون غيرَهم عند قلة المستجيبين ).
     فأجمل ما في هندسة الحياة : " أن تبني جسراً من التفاؤل على بحر من اليأس " .
     و (من المؤثرات النفسية التي يواجهها الدعاة ويستشعرون بها، ويجدون الكثير ممن يُحسبون على الإسلام يتشدقون بها ويرفعون لواءها المؤثر التيئيسي الانعزاليّ الذي يقعدهم عن مسؤولية الدعوة ، ويثبطهم عن فرضية الجهاد ، ويدفعهم إلى عزلة المجتمع والركون إلى الاسترخاء والانطوائية .. وهذه الظاهرة من التيئيس والتثبيط إذا استفحلت في أمة وترسخت في نفسية الدعاة فإنها-في الحقيقة –هي القاصمة التي تقصم مسيرة العمل الإسلامي ، والحالقة التي تحلق التفاؤل بالنصر ، فلم يبق لإقامة العزة الإسلامية في النفوس رجاء ، ولم يعد لاستعادة الأمجاد التاريخية أمل ) .
     قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – : ( كثير من الناس يظن أن أهل الدين الحق في الدنيا يكونون أذلاء مقهورين ، مغلوبين دائماً ، بخلاف من فارقهم في سبيل أخرى وطاعة أخرى ، فلا يثق بوعد الله بنصر دينه وعباده ، بل إما أن يجعل ذلك خاصاً بطائفة دون طائفة ، أو بزمان دون زمان ، أو يجعله معلقاً بالمشيئة – وإن لم يصرح بها –وهذا من عدم الوثوق بوعد الله تعالى ، ومن سوء الفهم في كتابه) .
     ومما يتعلق باليأس اليأس في طلب العلم ، الناس جميعاً ومنهم أنا وأنت وشيخ الإسلام والبخاري وغيرهم يشتركون في قول الله تعـــــالى : { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا}(سورة النحل: 78)
     (فليأس وعدم الثقة بالنفس سبب عظيم من أسباب عدم التحصيل والإنسان إذا رأى ما أنعم الله عليه من سلامة الجوارح ، ومن توفر الوسائل التي يحتاجها طالب العلم يجد أن حجة الله قائمة).
     لا تحقرن نفسك إن كنت ضعيفاً في الحفظ ضعيف في الفهم بطيء القراءة .. سريع النسيان كل هذه أدواء وأسقام تزول إذا صدقت النية وبذلت السبب وكنت متفائلاً بطلب العلم .
     يقول الإمام العسكري عن نفسه : (كان الحفظ يتعذر عليّ حين ابتدأتُ أرومه، ثم عودت نفسي إلى أن حفظت قصيدة رؤبة " وقاتم الأعماق خاوي المخترق " في ليلة وهي قريب من مائتي بيت ).
     فبتوفيق الله وبذل السبب سنرى أننا حصلنا خيراً نندم كل الندم على ما ذهب من الأوقات ، ولنقرأ ما قاله أبو هلال العسكري : (حكى لي بعض المشايخ أنه قال رأيت في بعض قرى النبط فتى فصيح اللهجة حسن البيان فسألته عن سبب فصاحته مع لُكنَةِ أهل جلدته ، فقال : كنت أعمد في كل يوم إلى خمسين ورقة من كتب الجاحظ فارفع بها صوتي في قراءتها فما مرَّ بي إلا زمان قصير حتى صرت إلى ما ترى ).
     ( وهذا الإمام الفحل أبو بكر البيهقي الذي ألّف أكبر كتاب في الأحكام بالأسانيد " السنن الكبرى " كان يعوزه بعض المراجع التي تتوفر عند أصغر طالب عندنا فسنن ابن ماجه والنسائي وجامع الترمذي لم تكن متوفرة لدية ولم يكن ذلك مما يعوقه عن الطلب والتحصيل) .
     ومما يتعلق باليأس في طلب العلم أنه ( ربما يحضر بعضنا عند شيخ مدة طويلة فيقول شرح الشيخ كتاب الربا وشرح كتاب الحدود وشرح كتاب النكاح والطلاق ولم أفهم إلا اليسير ، صحيح هذا يشترك فيه جمعٌ منا كثير ولكن مع هذا كله العلم كلما كرره الإنسان وكلما استرجع قراءته ومذاكرته كلما زال الإشكال عنه  فالإمام أحمد رحمه الله وهو على جلالة قدره وفضله يقول عن نفسه : كنت في كتاب الحيض تسع سنين حتى فهمته.
فلا نضجر ولا نيأس فقد أعطى الله الإنسان عقلاً وذكاءً وهذا الذكاء ينمو ويزيد بالتعويد فكلما عوّد الإنسان نفسه طبعاً اعتادت النفس عليه ، ومن العجائب في عدم الضجر وعدم اليأس ما ذكر الشيخ الشنقيطي رحمه الله عن نفسه فقد ذكر في مقدمة تفسيره أن شيخه شرح مسألة من المسائل ولم تتضح له، قال : فلم تتضح لي المسألة ، فرجعت إلى منزلي وبحثت وما زلت أبحث والخادم قائم على رأسي بالمصباح أو بالشمعة ولا أزال أبحث وأشرب الشاهي الأخضر حتى مر ثلاثة أرباع اليوم إلى أن طلع فجر ذلك اليوم قال فزال عني الإشكال ).
     وينبغي لنا أن لا نيأس من الطلب وأن لا نقول : ذهبنا إلى دروس كثيرة ولم نستفد إلا القليل ؟ (لا تيأسن وأعلم أن هناك من الناس من لو أخبرتك بشأنهم لتعجبت كثيراً : فصاحب ذيل طبقات الحنابلة ذكر في أثناء تراجمه أموراً عجيبة لبعض الناس في طلبهم للعلم ، فعبد الرحمن بن النفيس أحد الحنابلة كان في أول أمره مغَنّياً يُغني وكان ذا صوت حسن ثم تاب من هذا المنكر وطلب العلم وحفظ كتاب الخِرقي وهو من كتب الحنابلة المشهورة ، وكذلك عبد الله بن أبي الحسن الجبّائي كان نصرانياً وكان أهله نصارى بل كان أبوه من علماء النصارى وكانت النصارى تغلو فيه لكنه أسلم وحفظ القرآن وطلب العلم ، يقول بعض من رآه : وكانت له مهابة وجلاله في بغداد ، وكذلك نصير الدين أحمد بن عبد السلام كان قاطع طريق وذكروا في سبب توبته شيئاً عجيباً طريفاً ، قال عن نفسه : أنّه كان ذات يوم في أثناء قطعه للطريق مضطجعاً تحت نخلة أو في حائط نخل فرأى عصفوراً يتنقل بين نخلتين بانتظام فعجب وصعد إلى إحدى النخلتين فرأى حية عمياء والعصفور يلقي لها الطعام فتعجب من ذلك وتاب من ذنبه وطلب العلم وسمع الكثير وسمع منه الكثير .
     فهذا قاطع طريق والذي قبله من الديانة النصرانية  والذي قبله كان مغنياً ومع هذا أصبحوا أعلام هدى يشار إليهم بالبنان في وقتهم ، ويذكر علمهم بعد موتهم ، فلا تيأس ولا تقنط ).
      ومن أكثر المشاعر النفسية التي ابتلي بها كثيرٌ من المسلمين ما يتعلق بالهم والغم ، تلك الأحاسيس التي إذا أصابت بعض الناس رأيته كئيباً كسيراً تتنكرُ له نفسه ويتغير مزاجه وطبعه ، وبعض أولئك يوغل في الانقياد لتلبيس الشيطان حتى يكاد أن يعترض على قضاء الله وقدره أو يتسخط منه .
      لما كان الأمر كذلك عُني الشارع الحكيم بشعور الهم وبين أن الهموم أنواع وأنها تتفاوت بحسب الباعث لها والمؤثر فيها ، إلا أن الشارع حث العباد أن يكون همهم الأكبر واهتمامهم الأعظم بأمر الآخرة وما أعد العباد لها في الدنيا ، وإن استشعار الهم بأمر الآخرة ينفي عن النفس وما علق بها وقيدها من الهموم الأخرى ، بل إن الاهتمام بالآخرة سبب في تفريج ما أهمه من أمر بدنه ورزقه ومعاشه ، يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه و سلم : (( من جعل الهموم هماً واحداً ، هم المعاد ، كفاه الله سائر همومه )) وقال النبي صلى الله عليه و سلم في بقية الحديث لمن غلب هموم الدنيا وزينتها : (( ومن تشبعت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك ))( أخرجه ابن ماجه (4106).
      قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – : ( فمحبة الله تعالى ومعرفته ودوام ذكره والسكون إليه والطمأنينة إليه وإفراده بالحب والخوف والخوف والرجاء والتوكل والمعاملة بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد وعزماته وإرادته ؛ هو جنة الدنيا والنعيم الذي لا يشبهه نعيم وهو قرةُ عين المحبين وحياة العارفين ).
     وقال الإمام ابن الجوزي – رحمه الله تعالى – : ( ضاقَ بي أمرٌ أوجب غَمَّاً لازماً وأخذتُ أبالغُ في الفكرة في الخلاص من هذه الهموم بكلٍّ حيلةٍ وبكل وجهٍ فما رأيت طريقاً للخلاص – ثُمَّ قال رحمه الله تعالى – فعُرضت لي هذه الآية { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}(سورة الطلاق:2) فعلمتُ أن التقوى سببٌ للمخرج من كل غمٍّ فما كان إلا أن هممتُ بتحقيق التقوى فوجدتُ المخرج ).
      وقال الإمام الماوردي – رحمه الله تعالى – : ( اعلم أنه قل من صبر على حادثةٍ وتماسك في نكبةٍ إلا كان انكشافها وشيكاً ، وكان الفرج منه قريباً ).
      ومما يتعلق بتلك الهموم الهم بطلب الرزق وعدم اليأس فيه ، لما الهم والرزّاق هو الله { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ}(سورة الحجر:21) ويقول النبي صلى الله عليه و سلم : (( اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، خذوا ما حل ودعوا ما حرم ))( ابن ماجه (2144) ، المستدرك على الصحيحين (2/4) ، فيض القدير (6/401).
     قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – : ( إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده؛ تحمل الله سبحانه حوائجهُ كلَّها وحملَ عنه كُلَّ ما أهمه وفرَّغَ قلبه لمحبته ولسانه لذكره ، وجوارحه لطاعته ، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه ، حمله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكَّلَهُ إلى نفسه فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ولسانه عن ذكره بذكرهم وجوارحَه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم فهو يكدحُ كدْحَ الوحش في خدمة غيره كالكير ينفخُ بطنه ويعصرُ أضلاعه في نفع غيره ، فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمتـــه ).
     يجد الجادون في هذه الحياة ، ويسعون للكسب ، تجارة وزراعة ووظيفة وصناعة ، فيكسبون ويربحون ويخسرون، فكم سمعنا عن أناس كانوا لا يملكون شيئاً ثم أصبحوا من كبار الأغنياء ، من غير تعب ولا نصب .
    
   

      ونرى بعض الناس : يكدح ليله ونهاره ، وينضح عرقه صباح مساء ، فلا يحصل إلا ما يسد به رمقه ويدفع به جوعته .
     يقول الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله تعالى – :  (وفلسفة الرزق أدقّ من أن تُدرك وأبعد من أن تنال . وانظر إلى الناس ترَ منهم الغوّاصين الذين جعل الله خبزهم وخبز عيالهم في قرارات البحار فلا يصلون إليه حتى ينزلوا إلى أعماق الماء ، والطيارين الذين وضع خبزهم فوق السحاب فلا يبلغونه حتى يصعدوا إلى أعالي الفضاء ، ومَن كان خبزه مخبوءاً في الصخر الأصمّ فلا يناله إلاّ بتكسير الصخر ، ومَن رزقه في مجاري المياه والوسخة أو المناجم العميقة التي لا ترى وجه الشمس ولا بياض النهار ، ومَن يأخذه بيده أو برجله أو بلسانه أو بعقله ، ومَن لا يصل على الخبز إلاّ ببذل روحه وتعريض مهجته للهلاك ، كلاعب (السِرك) الذي يترصده الموت في كل مكان ، فإن لم يدركه ساقطاً عل ى رأسه أدركه وهو بين أنياب الأسد أو تحت أرجل الفيل )  ، والله تعالى يقول :{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(سورة الزخرف:32).
     إن الملك بيد الله يهبه من يشاء بغير حساب ، والمال لله يعطيه من يشاء بحكمته وعدله سبحانه ، قال تعــالى :{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(سورة آل عمران:26)
     يذكر لنا التاريخ أن محمد المهلبي كان فقيراً مُعدماً لا يملك قوتَ يومه حتى أنه سافر ذات مرة فأخذ يتمنى الموت من شدة فقره ويقول :
     ألا مــــــوت يبــــــــــاع فأشتريــــــــــه            
                                 فهذا العيش مما لا خير فيه
     ألا مـــــوت لذيذ الطعم يأتـــــــي     
                                 يخلصني من العيش الكريه
     إذا أبصـــرت قبــــراً من بعيـــــــــد          
                                   وددت أننــــــــــــي ممـــــا يليــــــــــه



     ألا رحم المهيمـــــــــــن نفس حــــــــــر      
                                 تصدّق بالوفاة على أخيــه
      فقام صاحب له ورثى لحاله وأعطاه درهماً . ثم تمر الأيام ويعتني المهلبي بنفسه ويجتهد ويترقى في المناصب حتى أصبح وزيراً ، وضاق الحال بصاحبه – الذي أعطاه درهماً – فأرسل رقعة إلى محمد المهلبي كتب فيها:
      ألا قل للوزيـــر فدتـــــــــه نفســـــي         
    مقالاً مذكراً ما قد نسيه
       أتذكر إذ تقول لضنك عيش    
             ألا مــوت يبـــــــاع فأشتريــــه؟
     فلما قرأ محمد المهلبي الرقعة أمر له بسبعمائة درهم، ثم كتب أسفل الرقعة قوله تعالى : { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(سورة البقرة:261)، ثم قلده عملاً يسترزق منه.
     ( ولقد تعجبت من حال سجين فقير يُدعى "ما يكل ماثي " تحول خلال سنوات إلى خبير مالي ومليونير ، حيث قرر هذا الرجل أن لا يستسلم لفقره وسجنه ، لذا قام بمتابعة أخبار سوق الأسهم عن طريق تلفازه داخل السجن ، ولم يكتف بذلك بل كان يقرأ يومياً أكثر من عشر مطبوعات ماليه بما فيها "وول ستريت " .
      ورغم أنه لا يُسمح للسجناء بممارسة أي عمل تجاري داخل السجن ، ورغم أن " ماثي " لا يملك هاتفاً داخل زنزانته ولا يمكنه الاتصال عبر الإنترنت ، إلا أنه استطاع تجاوز هذه العقبات وذلك بالاتصال بوالده كل يوم عشر مرات ليوجهه في البيع والشراء ، وبما أن والد "ماثي " هو الذي يقوم بالصفقات فإن تصرّفه هذا لا يُشكل خرقاً للقانون ، وهكذا تحول هذا الرجل إلى مليونير داخل سجنه ومن خلال زنزانته ).  
     ويقول الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله تعالى – : (قرأت في كتاب [ ديل كارنيجي ] "دع القلق وابدأ الحياة " قصة فلاح من فلوريدا اشترى أرضاً ، وضع فيها ماله كله . فلما صارت له وذهب ليراها ، أصابته أشد ضربة من ضربات الدهر ، فتركته مضعضعاً مشرفاً على الانهيار : رآها قفرة مهجورة ، لا تصلح للزراعة ، ولا تنفع للرعي ، وليس فيها إلاّ أعشاب تعيش عليها مئات من الحيات والثعابين ، لا سبيل إلى مكافحتها واستئصالها ، وكاد يصاب بالجنون ، لولا أن خطرت له فكرة عجيبة : هي أن يربي هذه الحيات ، ويستفيد منها ، وفعل ذلك ، فنجح نجاحاً منقطع النظير، كان يخرج سموم هذه الحيات ، فيبعث بها إلى معامل الأدوية ، فتستخلص منها الترياق الذي يشفي من هذه السموم ، ويبيع جلودها لتجار الأحذية بأغلى الأثمان .. وكان يقصده السياح من كل مكان ، ينظرون إلى أول مزرعة في الدنيا ، أنشئت لتربية الحيات والثعابين .
     قرأت هذه القصة الواقعة ، فأحسست كأني كنت أسير في طريق مظلم ، لا أعرف موطئ قدمي فيه .. لقد علمتني هذه القصة ألا أفزغ بعد اليوم من فشل ، أو أجزع من خيبة ، بل أحاول استثمار الفشل ، والاستفادة من الخيبة .. هذا هو الدرس الذي تعلمته من قصة " فلاح فلوريدا ").
     ولندرك أن اليأس وعدم التفاؤل لا يمكن أن يدفع إلى الأمام، ولقد جاء الإسلام ناهياً عن اليأس فقد قال الله تعالى على لسان يعقوب – عليه السلام – مخاطباً أبناءه : { وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }(سورة يوسف:87)، وقال سبحانه على لسان خليله إبراهيم – عليه السلام – : { قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ}(سورة الحجر:56) ، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : (( إن رجلاً قال : يا رسول الله ! ما الكبائر ؟ قال : الشرك بالله ، والإياس من رَوْح الله ، والقنوط من رحمة الله )( مصنف عبد الرزاق (19701) ، وقال ابن كثير في تفسيره : (2/279) : ( وهو صحيح بلا شك فيه ).
     لو أرخينا أسماعنا بانتباه إلى ما يجول في مجالسنا من أحاديث هذه الأيام لرأينا إحدى أكثر صور اليأس وضوحاً ، لقد امتلأت عقولنا وألسنتنا بالقصص المبكية على ما وصلت إليه أحوالنا خاصة وأحوال المسلمين عامة ، ففي كل أرض أرملة وقتيل ومعوق وأسير ولن تجد من الدماء سوى دمائنا ولن ترى من الجراح سوى جراحنا ودمائنا غدت أنهاراً بل:
      أنى اتجهت إلى الإســـــلام في بلـــــــــــدٍ
تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كــــم صرَّفتنا يـد كنــــا نصرفـــــهـــا                                                           
وبـــــات يحكمنــــا شعــــــــب ملكنــــــــــاه
     وأنه ما من مخرج إلا بمعجزة إلهية خارقة أو فاتح عظيم كعمر أو صلاح الدين . وهذا شأن اليائسين في كل زمان ومكان .
    

      ومن أحاديث المحبطين في مجالسنا  من يذكر المثالب   في مجتمعه ، ويغرق في غالب مجالسه وأحاديثه ، ولو أنه ذكر ذلك من باب إيجاد طرق العلاج لكان ذلك محمدةً في حقه ، لكن المصيبة أنه يذكر ذلك من باب صعوبة في سلوك طريق الإصلاح ، فيترتب من جرّاء ذلك تقاعُسُه عن العمل ، بل وإدخالُ اليأسِ إلى جلسائه.
     ومنهم من لازم تشاؤُمه وذمَّه للمجتمع وأهله عموماً و جعل نفسَهُ بمعزلٍ عن ما وقع فيه الناس وقد وصف الرسول صلى الله عليه و سلم هذه النفسيات وصفاً دقيقاً؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إذا قال الرجلُ هلكَ النَّاسُ فهوَ أهلَكُهُمْ ))( أخرجه مسلم ، برقم (2623).
     أما المتفائلون الذين قدموا للعالم خدماتهم الجليلة فيسلكون مسلكاً مختلفاً فهم متفائلون بأن  بعد الحزن فرحاً و بعد الألم أملاً و في طيات المحن منح و أن الليل إذا اشتدت ظلمته فإن الفجر لاح،  و إن الرؤية للتفاؤل ليست فقط للحاضر بل هي للمستقبل مع اعترافنا بالجراحات وغيرها، إننا نقول: جراحات الحاضر لا تعمينا عن المستقبل بإذن الله والتفاؤل  لا يكون إلا في الأزمات –  في وقت الرخاء لا حاجة إلى التفاؤل –  .
     بل "يقول بعض مؤلفي عصرنا : إن الشدائد – مهما تعاظمت وامتدَّت – لا تدوم على أصحابها ، ولا تخلد على مصابها ، بل إنها أقوى ما تكون اشتداداً وامتداداً واسوداداً ، أقرب ما تكون انقشاعاً وانفراجاً وانبلاجاً ".
     ومن سديد القول في هذا المقام كلام للشيخ ابن سعدي رحمه الله تعالى أجاد فيه وأفاد، حيث قال :(واليوم وإن كان المسلمون مصابين بضعف شديد، والأعداء يتربصون بهم الدوائر، هذه الحالة أوجدت من بينهم أناسا ضعيفي الإيمان، ضعيفي الإرادة الرأي والقوة ، يتشاءمون أن الأمل في رفعة الإسلام قد ضاع، وأن المسلمين إلى ذهاب واضمحلال ، ولقد غلطوا في هذا أعظم غلط ، فإن هذا الضعف عارض له أسباب ، وبالسعي في زوال أسبابه تعود صحة الإسلام كما كانت، كما تعود إليه قوته التي فقدها منذ أجيال. ما ضعف المسلمون إلا لأنهم خالفوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وتنكبوا السنن الكونية التي جعلها الله مادة حياة الأمم ورقيها، فإذا رجعوا إلى ما مهده لهم دينهم، فإنهم لابد أن يصلوا إلى الغاية كلها أو بعضها. وهذا المذهب المهين، وهو التشاؤم والكسل لا يعرفه الإسلام ولا يرتضيه، بل يحذر عنه أشد تحذير، ويبين للناس أن النجاح مأمول، وأن مع العسر يسرا، وأنه { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}(سورة الطلاق:7)، ويبين أنه لا أضر عليهم من اليأس والقنوط. فليتق الله هؤلاء المتشائمون، وليعلموا أن المسلمين أقرب الأمم إلى النجاح الحقيقي. ويقابل هؤلاء طائفة يؤملون آمالا عظيمة، ويقولون ولا يفعلون، فتراهم يتحدثون بمجد الإسلام ورفعته، وأن له العاقبة الحميدة، وأن الرجوع إلى تعاليمه وهدايته هو السبب الوحيد لعلو أهله ورفعتهم، ولكن لا يقدمون لدينهم أدنى منفعة بدنية ولا مالية، ولا يقدمون مساعدة جدية لتحقيق ما يقولون، فإن الأقوال لا تقوم إلا إذا قارنتها الأفعال. ويا طوبى لطائفة هم غرة المسلمين، وهم رجال الدنيا والدين، قرنوا الأقوال والأفعال، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم وبأقوالهم، وبإنهاض إخوانهم، وتبرؤوا من مذهب المتشائمين ومن أهل الأقوال دون الأفعال، فهؤلاء هم الذين يناط بهم الأمل، وتدرك المطالب العالية بمساعيهم المشكورة وأعمالهم المبرورة) انتهى كلامه – رحمه الله تعالى – .
     ويوضح ذلك الكاتب ستيفن كوفي حيث يفرق بين كلا الفريقين بما يصرفون وقتهم وجهدهم بالتفكير والاهتمام به.
     فاليائسون يملؤون عقولهم وأوقاتهم بالتفكير في  قضايا تقع في دائرة اهتمامهم ، ولكنها بعيدة عن دائرة تأثيرهم ، فهي مهمة ولكن لا يمكن عمل شيء تجاهها.
     أما المتفائلون فيصرفون أوقاتهم وأعمارهم فيما هو مهم  وأساسي ويمكنهم أن يقوموا بشيء تجاهه ، لأنه يقع تحت تأثيرهم ، وفي حدود إمكانياتهم.

    



     إن (دائرة الاهتمام) و(دائرة التأثير) اصطلاحان موفقان لتقسيم ما يواجهه الإنسان من: أعمال، وآمال، واهتمامات.. وما إليها من مناشط الحياة ومكارهها.
     فهناك أمور خارج نطاق اهتمام المرء، وأمور داخل نطاق اهتمامه، والأمور الواقعة في نطاق اهتمامه نوعان: أولهما لا سيطرة له عليه، والآخر له عليه نوع من السيطرة والتأثير. ولتوضيح ذلك نأخذ (زيدًا) مثالاً:
     زيد رجل في الثلاثين، لا يهتم أبدًا بكرة القدم، ولا يبالي  بأي فريق خسر في المباريات العالمية وأي فريق حاز البطولة، ولا يبالي – أيضًا – بأمور السياسة والاقتصاد، فسواء عنده: ارتفع الين أم انخفض، وسواء نجح في الانتخابات الرئاسية مرشح هذا الحزب أم ذاك الحزب!! فهذه كلها خارجة عن نطاق اهتمامه.
     لكن زيدًا يهتم بأمور كثيرة، منها ما لا يملك التأثير فيه ولا يقع في نطاق سيطرته، ومنها ما يستطيع أن يؤثر فيه تأثيرًا كليًا أو جزئيًا.
     فمن الأمور التي تهمه، مثلاً: حرارة الطقس في المنطقة التي نقل إلى العمل فيها، وأخلاق سائقي السيارات وتهورهم في أثناء القيادة، وضيق شوارع المدينة، والديون التي ترزح تحت وطأتها بلاده، ومشكلة الفقر في العالم التي يذهب ضحيتها ملايين الأطفال في كل عام، وما شابه ذلك.
     وواضح أن زيدًا لا يستطيع أن يصنع شيئًا حيال هذه الأمور، وأن غضبه عليها، وتذمره منها لن يغيرا الواقع بل الغالب أن هذه الأمور تزيد من حنق زيد وإحباطه ، ويؤثرا سلبًا على صحته الجسمية والنفسية.
     وهناك نوع آخر من الأمور التي تهم زيدًا مثل: تحسين وضعه المادي، وحصوله على درجة وظيفية أعلى، ورفع مستواه في اللغة الأجنبية التي يعرف مبادئها، وإنقاص وزنه الزائد، وممارسة الرياضة البدنية، وقضاء وقت أكبر مع زوجته وأولاده.. هذه الأمور كلها داخلة في (دائرة التأثير) بنسب متفاوتة، ويستطيع زيد أن يقوم بشيء ما حيالها.
     فإذا كان زيد رجلاً ناجحًا، فعالاً، حكيمًا، مبادرًا فهو يوظف جهده وطاقته، ووقته، وماله في الأمور الواقعة في (دائرة تأثيره)، ويكف عن الشكوى مما هو في (دائرة اهتمامه) ولا سلطان له عليه. أما إذا كان غير ذلك، فهو لن يكف عن اختلاق الأعذار تسويفًا لتقاعسه، وسيظل يشكو ويتوجع من الظروف الصعبة، والحظ الذي لا يواتيه، وقد يحمّل (الأقدار) مسؤولية ما جناه على نفسه، وصدق من قال: " المخفقون ماهرون في اختراع الأعذار".
     إن الأسى على أخطاء الماضي ومآسيه، وإضاعة الوقت في الرثاء لها يشبه – كما يقول ستيفن كوفي – رجلاً لدغه ثعبان، فبدلاً من أن يبادر بأخذ الترياق الذي يبطل مفعول السم، بدأ يجري خلف الثعبان لينتقم منه، وبذلك عجل المسكين في سريان السم في جسمه! فماذا كانت النتيجة؟ لم يقتل الثعبان، لكنه قتل نفسه!!
     ولنعلم أن اليأس والعجز ليسا صفتين يولد الشخص بهما ، وإنما يكتسبهما (كما أن الأشخاص الذين يمتلكهم اليأس بسرعة يؤمنون بأن السبب وراء حدوث أي مكروه لهم سيكون دائم الحدوث ، أما بالنسبة للأشخاص الذين يتأتى لهم مقاومة اليأس فيؤمنون بأن الأحداث العصيبة ما هي إلا أمر وقتي وزائل ).
     ومما يساعدنا على إيجاد الحلول والمخارج لما نواجه  تقوى الله عز وجل ، فالله تعالى يقول : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}. ويقول تعالى أيضا : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}(سورة الطلاق:4)، وسنة الله تعالى : أنه حين تشتد الأزمات وتتفاقم : يأتي اليسر والفرج ، وقد رأينا كيف فرج الله للأمة بعد الهجرة وقد عاشت قبلها أحلك الظروف وأصعبها حين كان النبي صلى الله عليه و سلم وصحبه يلحقهم الأذى في مكة وبين شعابها؟.
     ولننظر إلى الأمور بعين التفاؤل وإن بدت في ظاهرها على عكس ذلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق